المشاركات

عرض المشاركات من 2025

أينما حللت كُن غزيراً،مُتجذراً وأزهر...

صورة
  أظل اتسائل إن كان أمراً غريباً بي أو أنه طبيعي بالنسبة للاخرين أيضاً، ذاك العقل الشبكي البحت الذي يُحبب إليه ربط الاشياء ببعضها ومدى شعور البهجة عند ربطه لأمور مكملّة لبعضها بطريقة إبداعية وجميلة وكأنما جميع الاحاديث والمواقف مع الآخرين قد حدثت ضمن سيناريو كبير ومتشابك وعديد المعانِ والمباهج .. أحياناً أعتقد أن الامر عائد لطبيعتي البيولوجية كأنثى وذلك بسبب طبيعة عقلنا الشبكي الذي لا يكاد يعمل دون نسج خيوط تربط جميع الأمور ببعضها حتى وإن لم تكن ذات روابط حقيقية وملموسة، خلافاً لذاك العقل الصندوقي الذي لا يخرج من حيز ما يجري بداخله في هذه اللحظة، لستُ أدري لم كل هذا الإسهاب في التوضيح ولكن المهم في الأمر حقيقة كون هذا التشابك وإن كان مُقلقاً ومفتعلاً للمشاكل في كثير من الأحيان إلا أنه وفي أحايين اخرى كثيرة يكون مُدهشاً وبديعاً في ربطه وتحليله كتلك المرة التي أوصتني فيها صديقة لطيفة - ممتنة دائماً للطف الكامن في حديثها - أن أستمر بمحاولة القيام بنشاط محدد أفصحت لها عن رغبتي في تجربة القيام به رغم هوله، لتتسع إبتسامتي إثر نهاية جملتها إذ قالت فيما يعني أنني وأينما وُضعت أُزهر !! والح...

يا المولع ناري..

صورة
  ماهو الوطن ؟  مقطع 'reel ' سريع نعجز عن تطبيق عادة ال " scroll" عليه؟  ربما كان ذلك بالنسبة لذاك الموسيقي الذي أثّر فيه ذاك المقطع الصغير والذي تحكي من خلاله مُغنية معروفة عن أغنية ترسخت عميقاً بذاكرتها لتكون بذلك واحدة من الأمور التي تُعرّف الوطن لديها. إذ قام ذاك الموسيقي بدمج غنائها للأغنية المذكورة بموسيقى ربما كانت هي أيضاً أحد رموز الوطن بالنسبة له... ربما يكون كل ذلك مُعرّفاً للوطن وليس مقصدي من ذلك مجرد مقطع فيديو أو بضع نغمات موسيقية، ولكنني أستخلص من ذلك أن الوطن هو ما يدفعك لتُعبّر عنه بأجمل وأبهى ما تملك كذاك الصوت المميز للمُغنية، قدرة الموسيقي على ابتكار ألحان تتناسب مع أغنية ليست من تأليفه حتى، أو ربما حتى الدافع وراء كتابة هذا النص بالنسبة لي أنا التي جُلّ وأعظم ما أملك هو كلماتي ..  -المقطع الاول : كان وردتي للميّ  تلقيني بي وراك ساير  قفاك للشقي  حبل صبري ضفاير  حلفتّك فوق الموية  شوفي كيف خديدكي ناير يا المولعة ناري .. ناري ناري  وجدتُ دموعي وقد تجمعت بسرعة على مدامعي، وسدّ الحنين جوفي وأنا أستمع لهذا المقطع ويأبى عق...

الحِكمة المُقتبسة..

صورة
  الساعة السابعة وبضع دقائق مساء يوم الأحد، تفصلنا دقائق قليلة عن مغيب الشمس، وياله من وقت عجيب إذ طالما كانت الساعة السابعة مساءً - خلال أيام الصيف الحارة من كل عام- ساعتي المفضلة في اليوم إذ تتراخى أشعة الشمس بوداعة على الأبنية مودعة بذلك يوم آخر من أيام السنة، وتنخفض درجات الحرارة القاتلة قليلاً لتتحرك إثر ذلك بعض النسمات العليلة التي تُلطف الجو في هذا الوقت تحديداً ويبدأ كل شئ من حولنا بالولوج لمكانه المألوف بدءاً من الشمس نفسها ومن ثَم طيور الدوري، الموظفون المرهقون، وكذلك أفكاري..إذ لا يُحبذ لافكاري الشريدة الإستقرار كنصوص قصيرة إلا في هذا الوقت من المساء وبالتحديد صيفاً رغم مُقتي الشديد للصيف إلا أن أفكاري لم تكن يوماً طَوعَ تفضيلاتي.. أجدني في هذا الوقت مشغولة بخربشة بعض أزهار الهندباء على لوحي الإلكتروني قاصدة بذلك الاسترخاء قليلاً وتدور في عقلي بضع إقتباسات تتناسب مع الرسمة المُقتبسة أيضاً، وفجأة ينسلّ خيط تفكيري إثر هذا التطابق إلى أن أغلب ما أقوم بمشاركته والكتابة عنه أو النقاش حوله مع من حولي غالباً ما يكون مقتبساً بغض النظر عن الجهة المُقتبس منها سواء كانت معروفة أو م...

فن المُلاحظة؟

صورة
حينَ ظهيرة رتيبة ومُذهلة، كنتُ اتكئ بحبور عند باب المدخلِ الحديدي أراقبُ أشعة الشمس وهي تُداعِب شجرة الجهنمية برقة كرقة نسمة الظهيرة تلك. جاء رفيق أخي وبجانبه دراجة سوداء مرقطة يسمونها بفخر ( كوبرا ) ونادى على أخي الذي كان مستلقياً بتراخم فما إِن سمِعَ صوته ولمح الدراجة حتى قفز من مكانه وأخذ دراجته القديمة تلك وخرج برفقة صديقه يتسابقان ويبتسم أحدهما للاخر بنظرات معناها ( أنا الفائز )، إبتسمت إثر هذا المشهد المُبهج والحماسي ووجدتني أفكر في جملة وجدتها تقفز لعقلي فجأة : " لقد خلقنا لنراقب، خُلِقتُ أنا لاراقب !!  وقد أشعرتني هذه الجملة براحة كبيرة ، واستني تلك الجملة، واست طفلة الاحد عشر ربيعاً التي كانت تعترض وبشدة على الحكم الذي يمنعها من فعل ما يفعله الصبيان، ولكنها فهمت الآن جيداً أنها خُلقت لتراقب، هذا لا يعني كونه أمر قسري أو حكم ظالم ضد الكيان الانثوي او استحقار واستضعاف له، ليس كذلك البتة. فمن سيراقب إن كان الجميع ممثلين لا تنازل عنهم ؟! من سيراقبُ هذه المشاهد المُذهلة ؟! من سيلحظ البهجة، الفرح، الغضب، الحزن، اليأس، الامل، من سيراقب هذا الكون ببساطة !!  - يُعجبني وبشدة أ...

مُلاحظات العيد

صورة
   ليس العيدُ إلا إشعارَ هذه الأُمَّةَ بأنَّ فيها قوةَ تغييرِ الأيام، لا إشعارَها بأنَّ الأيامَ تتغيَّر؛ وليس العيدُ للأُمَّةِ إلا يومًا تَعرِضُ فيه جمالَ نظامِها الاجتماعيّ، فيكونُ يومَ الشعورِ الواحدِ في نفوسِ الجميع، والكلمةِ الواحدةِ في ألسنةِ الجميع؛ يومَ الشعورِ بالقُدرةِ على تغييرِ الأيام، لا القُدرةِ على تغييرِ الثِّياب … كأنَّما العيدُ هو استراحةُ الأسلحةِ يومًا في شعبِها الحربيّ. [المعنى السياسي في العيد || وحي القلم]   أحب جداً أن أعاود قراءة ما خطّه الرافعي عن العيد وفي يوم العيد لأنه وبطريقة جميلة للغاية يصوغ ما بداخل كل منا عن ما يتركه فينا العيد من أثر، ولطالما أعجبتني الفكرة الكامنة والبارزة جداً في كثير من نصوص الرافعي والمفضية بأن التغيير الذي نشعر به في مناسبات معينة لا يكمن سره في الأيام ولا التوقيت وإنما الأمر كله بداخلنا إذ أن كل شئ هو نفسه ولكن جهاز الإستقبال فينا هو المختلف في هذه الأيام ..  أذكر جيداً شعور العيد قبل عامين وعند بداية الحرب في بلادي، إذ لم يبق للعيد إلا إسمه ولا أحب أن اخوض الآن وأنا مبتهجة في تلك الايام القاتمة، وعلى الرغم من ...

إطلاق النظر..

صورة
  في كل مرة يعتريني فيها الضيق وُيطبق يديه المشوهتين على أنفاسي أجدني أهرع بشدة إلى أقرب منفذ نحو الهواء الطلق والفراغ الذي لا يحده من السماء شئ سوى إطلاق النظر، وأقوم بإحدى أمرين أو ربما أجرب كليهما لشدة تعلقي بهما وشدة نجاحهما في كل مرة من انتشالي من ضيق الهم إلى رحابة اليقين .. فالامر الأول والأقرب إلى قلبي هو النظر إلى السماء في أي وقت وعلى أي حال كانت صافية أو ملبدة، مشرقة أم مظلمة، فرؤية السماء دائماً ما تورثُ في قلبي طمأنينةَ أنني جرمٌ صغير في كونٍ كبير وكل ما فيه تحت رحمة خالق واحد وما أوسع رحمته وما أصغر همومنا!  ثم إن للسماء ارتباطاً في ذهني بخدعة عقلية صغيرة علمني لها أحد زملاء الجامعة أثناء حديثه عن كيفية التخلص من القلق ولست أعلم إن كانت تلك القصة قد ترسخت في أذهان كل من كانوا معي أم أن حبي الشديد للسماء وللطيور هو ما جعلها راسخة وحاضرة في ذهني وبقوة، والخدعة هي أن تتخيل كونك طائر صغير، يفرد جناحيه بخفة ليحمله الهواء إلى اقصى درجات الجو وأعلى طبقات السماء ثم تخيل أن تجول بنظرك وانت ذاك الطائر الصغير إلى ما يقبع تحتك ليبدأ كل ما كان كبيراً ومتضاخماً بالتضائل شيئاً...

أفكـارُ الظهيرة!

صورة
  - حين ظهيرة ما في يوم ما خلال سنتي الاولى في الجامعة، وقد توزعنا على هيئة كتل متفرقة باختلاف العدد واختلاف الاهتمامات كذلك اثناء انتظارنا مجئ محاضر المادة وبدء المحاضرة التي أعجزنا الحر عن تفويتها رغبةً في اغتنام أجهزة التبريد الموجودة في المعمل. المهم أنه وفي منتصف ثرثرة عادية لطلاب جامعيين أجابت إحدى الزميلات - أكثرهن شعبية على كافة الأصعدة - على سؤال يستفسر عن السر وراء إجادتها للكثير من الأمور في نفس الفترة الزمنية التي لم تكفي أغلبنا لإكمال ربع المنهج المقرر علينا، لتذهلني وقتها بعبارة لم تطرق سمعي ولا حتى إدراكي من قبل ولم أكن أتخيل وجود مفهوم كذلك حتى إن لم استشفه من خلال حديثها في تلك الظهيرة إذ قالت وبلهجة إنجليزية ممتازة " ! you just have to fake it till you make it " وقتها ذُهلت بحق من طلاقة التفكير أكثر من طلاقة خطابها، وغِبت عن الواقع لبضع دقائق أتفكر فيها عن المعنى والمغزى وما ستضحي عليه حياتي إن تركت الفكرة تترسخ في عقلي بصورة كافية لتجاوز الاحباط الذي كان مُلماً بي في تلك الفترة الانتقالية والغريبة .. وما جعلني أستحضر هذه الذكرى اليوم هو مدى دهشتي وللمرة الث...

الجُمعة اخـيـراً!

صورة
  استيقظت منذ الساعة السابعة في محاولة مني لتقليل عدد ساعات نومي للحد الذي يجعل من عملية النوم والاستيقاظ أمراً طبيعياً كعادة البشرية منذ قديم العصور، وما وجدته مستغرباً هذا الصباح أنه وعلى عكس صباح كل يوم لم أكن نعسة رغم كونها عطلة ولم أشعر بالفتور الذي يحد بيني وبين إنجاز أعمالي صباحاً ولم أشعر بالضيق لكون جميع من في المنزل نائمون عداي، لأصل إلى استنتاج أنه وربما لأنه تَصادف أن يكون صباح الجمعة دوناً عن سائر أيام الأسبوع .. الجمعة بالنسبة لي تعني الصباح والصباح الباكر إذ كنا نستيقظ صباحاً على آيات سورة الكهف وهي تملأ الاثير في كل مكان وصداها يتردد من كل بيت، فنهبّ من أسرّتنا سريعاً لنتحلّق جميعاً حول والدتي وهي تصبُ الشاي لكلٍ منا حسب ما يبتغيه هواه - حتى درجة سخونة الشاي تحفظها عن ظهر قلب - لنجلس بهدوء لا يقطعه إلا صوت إحتساء الشاي وتسبيحات جدتي التي تُشبه الصلوات. ثم يمر بقية اليوم بشعور مغاير لبقية الايام، شعور نهاية كدح وسعي وشقاء اسبوع كامل ومشارف اسبوع حافل آخر وبين هذا وذاك يخبط عقلك بصورة مبهجة ذاك الإدراك المتأخر بـ أخيراً انها الجمعة، فلا عمل اليوم ولا حصص صباحية ولا طو...

من وحي الطريق..

صورة
  لو كنت أعلم وقتها أنه وذات يوم سيتقلص  ذاك الطريق الطويل الذي اشتكيت منه لما اشتكيت!  ١| الصبي الذي أذاقني حلاوة الشقاء.. - تضمُّ الحافلات ومواقفها الكثير والكثير من الامور المُدهشة التي تجعل الابتسامة لا تُفارق شفتيك طوال الطريق، وواحدة من أجمل هذه المواقف وهو ما أذكره جيداً بأدق تفاصيله من القميص المُهترئ الذي كساه الغبار وحتى هبوط مُرتَدِيه في محطته المنشودة بشدّة. كان طفلاً صغيراً، خفيفاً ذو ابتسامة ماكرة وطفولية في الوقت ذاته، كان الفقر جلياً عليه، ولكنه لم يُعِر ذلك اهتماماً أبداً حيث فاجأني كيف انه أوقف الحافلة ثم بكل عفوية ذاك العمر سأل "الكمساري " قائلاً : " يا عمك ما عندي قروش ممكن أركب ؟! "  فوافق على مضض تحت نظرات الجميع ودعاه للركوب، وما إن سمح له حتى جلب معه خمسة أطفال آخرين ليصعدوا الحافلة وابتهاجهم لا يكاد يتسع داخل أعينهم الصغيرة تلك وكأنما ظفروا بقطعة خبز شهية بعد جوعٍ طويل وهو ما جعلني أسرح بأفكاري التي أخذتني لموقف سابق أصررت فيه قائلة " أن الشقاء والعناء الشديدين إنما خُلقا ليجعلا لهذه الحياة طعماً حُلواً ونحن الجائعون على الدوام نأبى أحي...

مـَغزى الـفن.

صورة
  ”ليس على الفن أن يكون جميلاً، بل عليه أن يجعلك تشعر بشيء“ - اقتباس من اقتباس لبوكوفسكي . ....  كانت عبارة مقتبسة إثر حوار جميل عُقِد مع صديق ذو عقل خارج النمطية السائدة للمجتمع الذي نعيش فيه. وانعقد الحوار إثر خاطرة عفوية عن الفن وفكرة أن الفن في الأساس موجود داخل الكيان البشري بصورة أو بأخرى، منذ نشأته الأولى وحتى نهايته. يمر الإنسان بتفاصيل كثيرة تدهشه تستثير عقله، وتشعره بالألفة وكأن ما يراه يعبر عنه بطريقة غير مباشرة، وكأن الفكرة قد قفزت من نقطة خافتة في عقله إلى الواقع على هيئة فن أياً كانت لوحة، مقطع موسيقي، تفاعل إنساني آخر، قصيدة أو كلمة، صورة، أو قصة لا دخل له بأي طرف فيها. ثم يجلس صامتاً منزوياً وأفكاره في لحظة من لحظات صفوه، منقطعاً عن ضجيج العالم بصورة لا إرادية، مُفكراً : كيف يُعقل أن تتشكل اللوحة كاملة من مجرد خيوط مبعثرة لا رابط بينها في عقلي، ثم لمجرد شيء لمحته بعيني أو سمعته بأذني، اتصلت وانحنيت وتلونت وشكلت لوحة بديعة كالتي أفكر فيها الآن؟! قال لي الصديق في عبارة لا أنساها ما حييت : "الإنسان عظيم ياخ، لأنه الفن جزء منه، ما كأنه حاجة اخترعها، هو قطعة من كونه...

من رفع سقف دهشتك ؟

صورة
  - صوت خربشات صغيرة على الباب في ليلة شتوية قارصة  صدرت من ذاك المخلوق العجوز والصغير الذي أحضره لنا والدي ذات مرة ، وقد أخبرنا وهو يحملها بفخر أنها تُدعى سلحفاة وهذه - ثم أشار للشئ الملتف حول ظهرها وبطنها - صدفتها حيث تختبئ عند إحساسها بالخطر ، ويا لإعجابنا بهذا الكائن الوقور والممل أيضاً حيث أقتصرت حركاته على الاختباء والخربشة . ثم تحولت دهشتنا وإنصب اهتمامنا في وقت لاحق حول مخلوق آخر صغير ولكن كم جعلته أشواكه الحادة والمنتصبة كبيراً ومخيفاً بشكل ما ، وما كنا لنرى هذه الأشواك البنية لولا إصرارنا الملح على والدي لإخراجه من الصندوق الكرتوني ولو لم تحتسب مراقبة عن كثب بل من بعد متر ولكننا كنا مذهولين بصورة تفوق عقولنا الصغيرة آنذاك ومسرورين للغاية ونحن نفكر في حزن ذاك المخلوق الصغير الذي يدعى قنفذ لتكون كومة الأشواك هذه أبوه فقد أخبرنا والدي أنه يدعى (أبو القنفد ) وكم كان أمراً مضحكاً تذكر كم كانت عقولنا سخيفة وقتها . ثم بشكل مسرحي ومتقد للغاية جلسنا جميعاً على الأرض ونحن نراقب بسعادة هذا الصندوق العجيب الذي يصدر منه ضوء طويل ومتراقص وملوّن والذي تحول بصورة سحرية إلى فيلم كرتو...

البـداية...

صورة
  خلال ظهيرة اليوم تذكرتُ فجأة الأحداث التي جرت قبل خمس سنوات من الآن، في أيام الثانوية التي بدأت ذكرياتي عنها تشحبُ بعض الشئ، تذكرتُ ذكرى جميلة للغاية، هلعت في البداية لعجزي عن تذكر إسم تلك الرفيقة الفريدة من نوعها، وبِتُ اتسائل بحزن ماهو إسمها ، ماذا كان، ثم تذكرته أخيراً . - كانت آية، آية محمد .. هنا كانت أول بداياتي مع الحروف والكلمات، كانت أول رحلة لي مع أشرعة الكتب والصفحات، على متنِ كتاب النظرات وصاحبها المنفلوطي ؛ أخذتني آية الى ذاك المكان حيث يصمت العالم وتدور عجلة الكلمات . كانت آية إنسانة لطيفة للغاية، المثقفة الاولى التي تعرفتُ عليها، كانت طموحة ويملؤها الشغف، عندما تتحدث يتسع بؤبؤ عينيها وترتسم كذلك ابتسامتها على اتساعها، عرّفتنا على الكثير مما كنا نجهله نحنُ وسائق الحافلة التي كانت تقِلّنا وقتها، كانت شاعرية للغاية وعطوفة تكتبُ برقة جملاً وعبارات جميلة على دفترها الذي نسيت لونه الا انه كان مميزاً أيضاً مثلها. تكتب باللغتين العربية والانجليزية وخاصة الاخيرة، كانت هاوية لها تتقنها عن ظهر قلب، وتمارسها متى ما أُتيحت لها الفرصة . ثم إنّ لها صوت جميل ذو خامة نادرة عندما تت...

الـرِفاق...

صورة
سألني أحدهم يوماً ما سؤالاً غريباً، إذ كان يستفسر عن سبب تسميتي للكثيرين بالرفاق حتى وإن لم تدم مرافقتي لهم اكثر من يومين!! فأجبته على عجل لتوضيح الأمر ظناً مني أنه ربما يعتقدني ممن تستهوي صحبة كل من مر وعبر، حيث أنني لا أطلق هذا المسمى اعتماداً على الزمن أو هيئة المُلازمة وإنما على الأثر، وأنا يا رفيق لستُ ممن يستهين بمدى الأثر البالغ للآخرين فيّ، وما يجعل هذا الأثر طويل وباقٍ في ذاكرتي - للدرجة التي يستحق بسببها أن أُطلق على صاحبها " رفيق" - هو الكلمات، لا أقصد المنطوقة ولا أقصد كلماتهم المكتوبة كذلك، إنما مقصدي من ذلك هو ما كتبته أنا عنهم، فالبنسبة لي مقياس عمق أثرك وآرائك فيّ تكمن في إمكانية تضميني إياك كنص يظل حاضراً في عقلي للأبد . وليس السبب في ذلك هو صعوبة الكتابة عن الآخرين أو ترفعي عن ذلك وإنما لأنني لا أكتب دون أن تحركني قريحتي وإن كنت كافياً لتحريك القريحة الأدبية فأنت لا محالة رفيق سيظل ملازماً لي للابد لان بقاء النصوص المكتوبة أطول وأعمق أثراً من بقاء الاشخاص نفسهم.. ويا لكم النصوص التي كتبتها بسبب رفاق بعيدون تماماً عن كونهم ملازمين لي طوال الوقت أو تربطني بهم ...

مواعيد الأسنان المُؤلِمة أو المُلهِمة...

صورة
 كنتُ في موعد مع طبيبة الأسنان، وفي خضم أمر مؤلم للغاية كانت تقوم به تجاه العصب المغذي لاضراسي، جائتني فكرة خففت عني الألم قليلاً، ربما تكون الفكرة أو ربما لان الطبيبة توقفت عندما لاحظت تعابير وجهي .. وهو بالتحديد ما خطر ببالي وقتها، تعابير الوجه، كم أنه أمر دقيق أن يتواجد الفم هنا في وجوهنا بالقرب من العينان والحاجبان وكل تلك ال facial expression mucsles، فمن السهل أن تلفت طبيبك إلى إحساسك بالألم وهو يعمل على مكان آخر في جسدك، فقط بصرخة أو تأوه بسيط، سيصله بسرعة إحساسك الشديد بالألم دون الحاجة لملاحظة تعابير وجهك، ولكن الأمر مختلف تماماً مع فمك وكل ما فيه ، فكيف يمكن إرسال صرخة صغيرة وكف الطبيب كاملة داخل فمك ولسانك محشور حشراً نحو الحنجرة ساداً مجرى الهواء بذلك، لا توجد طريقة غير الاستعانة بنظر الطبيب بدلاً عن سمعه، وإستخدام إشارات في مرمى نظره تماماً، فوُضِع الفم بعناية قرب العينين لتُغمضهما بشدة بدلاً من أن تتأوه، وقرب الحاجبان لتهزهما بتواتر بدلاً عن تحريك لسانك، وكل العضلات في وجهك التي تصرخ صامتة بأن تباً لمواعيد الأسنان ، وهو ما وجدتني أقوم به لطبيبتي وقتها ... وهو ما أذهلن...

قـَريحة الادب.

صورة
في ذات يوم لا أذكره تماماً، لا أذكر إن كان خريفاً أم شتاءً، ولكن ما جعله محفوظاً في عقلي بثبات هو نشوء مبرر وتفسير أخيراً لما يُحرك رغبة الكتابة فيني.. ولم يكن بشيءٍ عظيم أو شخصٍ ما، وإنما تَلخص الامر كله عند سماعي لكلمة " قريحة " لأول مرة ضمن حوار لطيف مع صديقة لطيفة من المثقفين القلة الذين عاصرتهم في ذاك الوقت البعيد، ويا للعجب الذي أصابني حينها إثر سماعي لتلك الكلمة الجديدة في قاموس كلماتي البسيط، إذ ظللتُ أرددها على مسمعي وقمت بتدوينها حين عودتي من المدرسة فقد كانت كلمة صعبة ومعقدة وجديدة والاهم من ذلك كله فضفاضة فعندما بحثتُ عن من معناها وأصلها وجدته فضفاضاً وجميلاً للغاية حيث أنها تعني أول الشيء وباكورته، طبيعة جُبِل عليها الانسان من ابتداع الكلام وإبداء الرأي! وكم كان ذاك المعنى مطابقاً بحق لذاك الشيء الذي يحثني على الكتابة، وكأنه أمر جُبلت عليه وأرضعتني له الحياة، ولا يظهر رأيي واضحاً وقوياً الا عن طريق الكلمات والادب. ودائماً ما جعلتي قريحتي مني شخصاً تواقاً للكلِم تدفعه دهشته عن قراءة ما يكتب لان يكتب، ليس لان الكتابة هي طريقة للتعبير والبوح فحسب ولكن لاننا حين نود ...